إلى 50 عاماً مضت فقط، لم تكن أفغانستان قد عمّدت بعد قبلة للجهاديين الإسلاميين حول العالم ولم يكن لمدنها “قندهار” و”كابول” وغيرها ذاك الوقع الدرامكاتيكي الذي يعني تلقائياً الموت والعنف واحتقار المرأة. على العكس. تمتع هذا البلد الذي بات شهيراً فيما بعد بحياة سياسية نشطة وحريات اجتماعية نسبية معتبرة في الستينات والسبعينات من القرن الماضي.
هنا مجموعة مختارة من الصور عن الحياة في أفغانستان التقطها الأستاذ الجامعي الأمريكي الدكتور بيل بودليش الذي أقام في أفغانستان عام 1976 خلال عمله مع “اليونيسكو” كخبير في التعليم في دار المعلمين الثانويين في كابول. الانطباع الذي تتركه الصور هو عن بلد مسالم ومزدهر قبل أن يدخل (أو يجبر على الدخول) في لعبة السياسة الدولية ويتحول إلى كرة تتقاذفها أقدام اللاعبين الكبار.
في عهد الملك الأخير محمد ظاهر شاه (1933-1973) آخر ملوك السلالة البركزاية شهدت البلاد نهضة اقتصادية وعمرانية مرموقة وانفتاحاً دولياً وسياسات داخلية تعليمية على الأخص ذات أثر كبير. وكان محمد ظاهر شاه قد ابتدأ فعلياً سياسة نشطة تدفع نحو اعتماد مبدأ الملكية الدستورية تقع الحريات السياسية في قلبها، هو المتأثر بالتقاليد الديمقراطية الغربية نتيجة التعليم الذي تلقاه في المدرسة الفرنسية بكابول ثم في باريس. عام 1973 قاد ابن عمه محمد داوود خان انقلاباً أطاح بالملكية وأسست على إثره الجمهورية.
ورغم إبقاء داوود خان على السياسات الاقتصادية والحريات الاجتماعية (خاصة تلك المتعلقة بالمرأة) على ما كانت عليه، إلا أنه انتهج خطاً شمولياً ضد خصومه السياسيين اتسم بالتشدد المفرط.
عام 1978، قتل محمد داوود خان على يد قادة الانقلاب الشيوعي (أكثر من استفاد من مناخ الانفتاح السياسي في ظل الملك محمد ظاهر شاه) وأسسوا جمهورية أفغانستان الديمقراطية الشعبية (الموالية للسوفييت).