قال صاحب الجلالة الملك محمد طاهر شاه ملك الافغان ان زيارته للجامعة المصرية كانت من اروع برامج زيارته لمصر.. لانه احس فيها بما ستكون عليه مصر غدا..
وكانت زيارة الملك الافغاني لجامعة فؤاد زيارة حماسية.. بل ان الحماسة اشتدت حتى اكتسحت في طريقها الترتيب والنظام واذا ملك الافغان يسير في شبه مظاهرة ضخمة من شباب الجامعة.
واضطر معالي طه حسين بك وزير المعارف ان يعتذر للملك اكثر من مرة، وكان معاليه يبتسم ثم يقول للملك:
– يا صاحب الجلالة.. اعذرهم ان رأيت حماسهم وحفاوتهم بجلالتك قد غبتا النظام المرسوم وكان الوزير المصري يوجه الحديث للملك الافغاني باللغة الفرنسية التي يتقنها جلالته وكان الملك يهز رأسه باسما ويقول: انه سعيد بما يرى. واشتدت الحماسة وملك الافغان يجتاز طريقه الى كلية الاداب ثم زادت شدة الحماسة لدرجة ان الملك عجز عن مواصلة طريقه.. وتقدمه احد الاساتذة الى حجرة صغيرة تشرف على الفناء.. وجاءه فيها وزير المعارف يقول له: هل تأذن يا صاحب الجلالة ان تبقى فترة ريثما يعود النظام؟
واتجه الملك الى نافذة الغرفة.. وفي الفناء المترامي تحتها وقف الاف الطلبة وكان حرس الجامعة بينهم يحاول اعادة تنظيم صفوفهم ولما ظهر الملك في النافذة.. اكتسحت حماسة الطلبة محاولات حرس الجامعة.
وبدا الملك يتحدث مع طلبة الجامعة من النافذة.. ثم تناول الملك كراسة احدهم وبدا يقرأ فيها والطلبة في الفناء يصفقون واجتاحت الفناء موجة من طالبي التوقيعات، واذا كل طالب يحاول ان يحصل على امضاء الملك على اي شيء في يده.. على ورقة وعلى كراسة.. وعلى ورقة نقد وبدا الملك يوقع بامضائه ويوقع حتى بدا يتعب.
وتقدم وزي المعارف المصري الى نجدته فوقف في النافذة يقول للطلبة: اسمعوا.. اسمعوا وبدأوا يسكتون، وقال الوزير:
– يجب ان تسهل الزيارة لضيف الفاروق.. انه يريد ان يرى جامعتكم وعليكم ان تهيئوا له الفرصة.. وعاد الملك يستأنف زيارته للجامعة.. وعاد شباب مصر الى حفاوتهم بملك الافغان.